عاشق القران المشرفون
عدد المساهمات : 295 نقاط : 411 تاريخ التسجيل : 20/09/2010 العمر : 33
| موضوع: الزاني للزانية والخبيث للخبيثة الثلاثاء سبتمبر 21, 2010 8:24 am | |
| ال تعالى في منزل تنزيله : الزاني لا ينكح ألا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها الا زاني او مشرك وحرم ذلك على المؤمنين "
[سورة النور]
المعنى الأول : أن الزاني لا يطيب له إلا الزانية ، طبيعته خبيثة ، فهو يبحث عن زانية ، والزانية تبحث عن زان ، هذا يشاكل هذا ، وهذا يشاكل ذاك ، قال تعالى : ] الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ [ .
[سورة النور: 26]
الإنسان المستقيم الطاهر العفيف يبحث عن طاهرة عفيفة ، والإنسان الفاسق الزاني يبحث عن فاسقة ، طبعا هذا الكلام ساقه العلماء لمن أقيم عليه الحد ، ولم يتب من ذنبه ، أما مِن تاب تَاب الله عليه ، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : (( يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ ، آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً)) .
[الترمذي واللفظ له ، أحمد عن أبي ذر الدارمي)]
وقال تعالى : ]قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [ .
[سورة الزمر : 53]
هذا الكلام مسوق لمن أصر على الزنى ، ولم يتب . ] الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَاِنَيًة [ . المعنى الثاني :
لكن بعضهم قال : إنك إذا علمت أن هذه المرأة زانية ، أو أنه أقيم عليها الحد ، ولم تتب لا يجوز أن يتزوجها مؤمن ، مستحيل ، هذا حكم شرعي ، لا يجوز . المعنى الثالث : وبعضهم قال : هو المؤمن لا يستطيب هذه الزانية . المعنى الرابع : وبعضهم قال : لا ، هذا حكم شرعي ، الزواج لا ينعقد فهو باطل ، إذا عقد زواج رجل غير زانٍ على امرأة زانية لم تتب فالزواج باطل ، ليس هذا من جنس هذه ، هذا من طينة ، وهذه من طينة أخرى ، فالزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ، فالمشرك الذي لم يعبأ بالدار الآخرة ، لم يعبأ بالتوحيد ، ادعى مع الله آلهة كثيرة ، هو يرضي زيدا وعبيدا ، يرى حياته بيد فلان ، ورزقه بيد فلان ، ومصيره بيد فلان فهذا مشرك ، فهذا يسهل عليه الزنى ، لأنه غير منضبط بأمر الله عز وجل : ] الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَاِنَيًةأَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [ .
ما أبعد حياة الإيمان عن الزنى ، طريق طويل ، المقدمات كلها عنده ممنوعة ، فالاختلاط ممنوع ، وكذلك إطلاق البصر ، والمشي بمكان موبوء ، وأن يصحب أناساً فاسقين ، وأن يقرأ أدبا رخيصا ، كل هذه المقدمات هي في الأساس محرمة عليه لذلك : ]وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [ . قال ربنا عز وجل : ]وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا* وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سلاَمًا [ .
[سورة الفرقان : 63]
إلى آخر الآيات ، حتى يقول : ] وَلاَ يَزْنُونَ [ . هنا دقة بالغة في الآية ، ربنا عز وجل لم ينهَهُم عن الزنى ، بل نفى عنهم الزنى ، طبعا أن تنهى ابنك على أن يضرب أخاه معنى ذلك أنه من عادته أن يضرب أخاه ، النهي فيه احتمال تصوري ، إذا نهيت ابنك عن التأخر معنى ذلك أنه قد يتأخر ، أما إذا نفيت عنه هذه الحالة فهذه أشد أنواع النهي ، أن تنفي وقوع الحالة إطلاقا ، فربنا عز وجل قال : ] وَلاَ يَزْنُون[، يعني ليس من شأنهم أن يزنوا . ] الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكُ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [ .
الآن يقول عليه الصلاة والسلام : (( ... وَإِنَّ قَذْفَ مُحْصَنَةٍ لَيَهْدِمُ عَمَلَ مَائَةِ سَنَةٍ )) .
[الحاكم في المستدرك عن حذيفة، والبزار في مسنده ، والطبراني في الكبير]
ما أكثر الناس الذين يلغطون بالأعراض ، ما أكثر الناس الذين يتحدثون ، يهرفون بما لا يعرفون ، فَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : (( حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ : مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا ، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا ، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً ، فَقَالَ : لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ الآن )) .
[الترمذي ، أبو داود ، أحمد]
" والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداءفاجلدوهم ثمانين جلدةولا تقبلوا لهم شهادة ابدا واولئك هم الفاسقون "
النور
معنى المحصنة : ما معنى محصنة ؟ أيْ هذه محصنة من الزنى، لها زوج، لها قيم ، هذه الحاجة ملبّاة ، هذه محصنة من أن تزني ، لأسباب كثيرة ، إما لأنها مؤمنة ، أو لأن لها زوجًا ، هذا الذي يرميها ، وكأنه رماها بحجر في مقتل من مقاتلها ، كأنه رماها بسهم ، كأنه أطلق عليها رصاصة .
سبحانك يا رب ، في كل أمور العلاقات المالية يكفي شاهدان ؛ في القرض ، في البيع ، في الشراء ، لكن لخطورة أمر الزنى ، ولخطورة أمر فساد سمعة المرأة و، لخطورة أمر العلاقة بها ، ولخطورة سمعة الإنسان ، هذا الذي يرمي امرأة محصنة بالزنى لا يقبل منه ذلك إلا بأربعة شهود رأوا هذه الحالة رأي العين ، إذا جاء بأربعة شهود ، وقد شاهدوا الزنى ربما كان هذا مستحيلا ، ربما كان هذا شرطا تعجيزيا ، لأنّ الله عز وجل يحب أن ندرأ الحدود بالشبهات ، فأن يأتي بأربعة شهود رأوا حالة الزنى رأي العين بتفاصيلها عندئذ لك أن تقول : هذه زانية ، أما أن يتكلم الناس عنها ، ويقولون : إن أخلاقها غير نظيفة ، هذا رمي ، إنك رميتها بالزنى ، هذا الذي يتكلم من دون دليل ، من دون أربعة شهود ، يرمي امرأة محصنة ، لكن سبحانك يا رب ، المرأة العفيفة المسلمة لو أن جهة افترت عليها ، ورمتها بالزنى ، وهي منه بريئة فلها بالسيدة عائشة رضي الله عنها ، وهي زوج النبي عليه الصلاة والسلام ، لها بها أسوة حسنة ، وما حادثة الإفك إلا من أجل أن تكون السيدة عائشة كما يقال : كبش فداء من أجل المؤمنات إلى آخر الزمان ، لهن بهذه المرأة العظيمة زوج النبي عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة . ]وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [ . تروي الكتب ـ والله أعلم ـ أن مغسِّلة كانت تغسِّل امرأة ، وهي تغسلها قالت في نفسها : كم من مرة زنت هذه المرأة ؟ هكذا تروي القصة ، فإذا بيدها تلتصق بجسد الميت ، وليس من قوة تنزعها عنها ، طال الأمر ، مضت ساعة ، وساعتان ، واليد ملتصقة ، فاحتار الناس ماذا يفعلون ، أيقطعون يد المغسَّلة ؟ الحي أفضل ، أيقطعون جزءًا من لحم الميتة ؟ فيه تشويه للميت ، وقعوا في حيرة ، وأخذٍ وردٍ ، وسؤال وجواب ، ولغط الناس بهذا الموضوع ، والأمر في عهد الإمام مالك ، حتى قيل : لا يفتى ومالك في المدينة ، عرضت هذه القضية عليه فقال: اجلدوا المغسَّلة ثمانين جلدة ، ومع الضربة الثمانين فكَّت يدها ، لأنها اتهمتها بالزنى في نفسها. فما قولك وأنت ساكت ، وفمك مطبَق ، إذا حدثت نفسك أن هذه زانية ؟ لقد وقعت في جريمة رمي المحصنات الغافلات ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( ... وَإِنَّ قَذْفَ مُحْصَنَةٍ لَيَهْدِمُ عَمَلَ مَائَةِ سَنَةٍ )) .
[الحاكم في المستدرك عن حذيفة ، والبزار في مسنده ، والطبراني في الكبير]
فعلى الإنسان أن يكون دقيقاً ، ولا يتسرع ، ولا ينقل روايات غير صحيحة غير مؤكدة ، فربنا عز وجل علمنا ألاّ تقبل هذه التهمة إلا مع أربعة شهود رأوا حالة الزنى رأي العين ، وهذا مستحيل تقريبا ، إذاً فالأفضل أن تصمت . ]وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً[ . وهذا الإنسان يفقد حقه المدني .
]وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا [ . فلا حق له أن يشهد في قضاء ، أو شهادة ، أو بيع ، أو شراء ، أو زواج ، لأنه رمى محصنة ، فلو ذهب ليأخذ لا حكم عليه ( براءة من السوابق العدلية يكتب على تلك الوثيقة : إنه محكوم بقذف المحصنات ، فشهادته غير مقبولة ، ويجب ألا يتوظف ، ولا يتحرك ، ولا يعقد بيعًا ولا شراءً . ]وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاِسُقونَ [ . سبحانك يا رب ما أرحمك :
(سورة النور)
]إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ . هذا استثناء : ]إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا [ . ربنا عز وجل في جميع الأحكام ، وفي جميع الوعيد الذي يتوعد به عباده العصاة هناك منفذ ، هناك فرج ، هناك استثناء : ]وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [ .
(سورة الشعراء : الآيات 225-227)
وقال تعالى : ]وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [ .
(سورة ص : الآية 24)
عندنا استثناء دائم ، فالذين تابوا مستثنون من الفسق ، ومستثنون من عدم قبول الشهادة ، أي عندما يتوب الإنسان يستعيد حقه المدني ، وحقه أن يكون شاهدا عدلا . ]إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ .
هناك نقطة ضرورية ، وهي أن الإنسان المسلم يتصف بصفتين أساسيتين ؛ العدل والضبط ، العدل هي العدالة ، والضبط صفة عقلية ، والعدالة صفة نفسية ، من يرمِ امرأة محصنة ظلما وزورا يفقد العدالة ، ومع فقدِ العدالة يفقد حقه في إدلاء الشهادة ، بالمناسبة النبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ ، وَحَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ ، وَوَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمُ فَهُوَ مِمَّنْ كَمُلَتْ مُرُوءَتُهُ ، وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ ، وَوَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ ، وَحَرُمَتْ غِيبَتُهُ )) .
[القضاعي في مسند الشهاب عن علي]
العدالةإما أن تلغى ، وإما أن تسقط ، وإما أن تجرح ، من يرمِ امرأة محصنة تسقط عدالته ، من يكذب تسقط عدالته ، من يظلم تسقط عدالته ، من يخلف وعده تسقط عدالته ، هذا عن سقوط العدالة ، فماذا عن جرحها ؟ من أكل لقمة من حرام جرحت عدالته ، من طفف في الميزان بمقدار تمرة جرحت عدالته ، من تنزه في الطرقات جرحت عدالته ، من كان حديثه عن النساء جرحت عدالته ، من صحب الأراذل جرحت عدالته ، من بال في الطريق جرحت عدالته ، من قاد برذونا فأخاف به الأطفال جرحت عدالته ، من أطلق لفرسه العنان ، أي أسرع ، جرحت عدالته ، من علا صياحه في البيت جرحت عدالته ، من لعب النرد جرحت عدالته ، ومن لعب الشطرنج جرحت عدالته ، فهو يضيع وقته سدى ، العلماء ذكروا ثلاثة وثلاثين بنداً تجرح العدالة ، من أكل في الطريق ، من مشى حافيا ، من بال في الطريق ، فجرح العدالة شيء ، وسقوط العدالة شيء آخر، إن قذف المرأة المحصنة مما يسقط العدالة . هذه الآيات دقيقة جدا ، إن شاء الله تعالى لنا عودة إليها في الدرس القادم من أجل أن نقف على أحكامها التفصيلية .
والحمد لله رب العالمين
أيها الإخوة الأكارم ، قال تعالى :
(سورة النور)
هذه الآيات لها معان متعددة : المعنى الأول : الخبيث لا يألف إلا خبيثة
من أبرز معانيها : أن الإنسان الطيب الطاهر العفيف المستقيم على أمر الله ، الذي عرف ربه ، وسمت نفسه ، هذا الإنسان لا يمكن أن يأتلف مع امرأة زانية ، لا يمكن أن يتعايش معها ، لا يمكن أن يحتملها ، لا يمكن أن تكون امرأته ، لأن الطيبين للطيبات ، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام أطيب الطيبين فالسيدة عائشة أطيب الطيبات ،]الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ[، فلو أن الله عز وجل قال : ]الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ[، فلمَ قال بعدها : ]وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ[؟ هذا من البلاغة ، وهو حصر من جهتين ، من باب التأكد أن الخبيث يشتهي خبيثة ، وأن المتفلت من قواعد الأخلاق يشتهي المتفلتة ، وأن المنحرف يشتهي المنحرفة ، وأن الزاني يعجب بالزانية ، وأن الطيب يحب الطيبة ، وأن الورع يحب الورعة ، وأن العفيف يحب العفيفة ، ]الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ[، فإن أتيح لها أن تختار فلا تختار الخبيثة إلا خبيثا ، وإن أتيح للخبيثين أن يختاروا فلا يختارون إلا خبيثة مثلهم ، وإن الطيور على أشكالها تقع ، وكل إناء ينضح بما فيه ، فالخبيثون للخبيثات ، والخبيثات للخبيثين ، والطيبات للطيبين ، الشاب المؤمن الطاهر لا يرضى ، ولا يطمح إلا إلى زوجة طاهرة مستقيمة ، تحب الله ورسوله ، وتتقي الله في كل أمورها ، تصلي ، هذا الذي يغريه جمال الفتاة ، وينسى أن في دينها رقة ، هذا سوف يدفع الثمن باهظا ، يقول النبي عليه الصلاة والسلام : (( مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِعِزِّهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلاَّ ذُلاًّ ، وَمَنْ تَزَوَّجَهَا لِمَالِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلاَّ فَقْرًا ، وَمَنْ تَزَوَّجَهَا لِحَسَبِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلاَّ دَنَاءَةً ، وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ يُرِدْ بِهَا إِلاَّ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ ، وَيُحَصِّنَ فَرْجَهُ ، أَوْ يَصِلَ رَحِمَهُ بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا ، وَبَارَك لَهَا فِيهِ )) .
[الطبراني في الأوسط ، والترهيب والترغيب عن أنس]
والله الذي لا إله إلا هو ما سمعت من شاب تزوج امرأة ، وآثر دينها على أي شيء آخر إلا سعد بها ، وما سمعت رجلا تزوج امرأة ضحى بالدين من أجل شيء آخر إلا شقي بها ، فعليك بذات الدين تربت يداك ، لذلك هذه الآية تفيد كيف أن يحب النبي عليه الصلاة والسلام السيدة عائشة ، وهو أطيب الطيبين ؟ فلابد أن تكون أطيب الطيبات ، أيعقل أن تأتلف نفس النبي مع امرأة غير مستقيمة ؟. أيعقل أن تتعلق نفس النبي بامرأة ليست محبة لله عز وجل ؟ هذه الآية الأخيرة في هذا الحديث ؛ حديث الإفك هي الحقيقة المطلقة ، ]الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ[ . عندنا حكم شرعي آخر ، هذه الآية لا تمنع أن تستمع إلى قصة مفادها أن هناك امرأة صالحة صائمة مصلية لها زوج سكير عربيد ، هذه الآية ساقها الله على شكل خبر ، لكن يفيد بها النهي ، أيْ : يا عبادي ينبغي أن يكون الطيبون للطيبات ، فإذا كانت عندك ابنة شريفة طاهرة عفيفة فلا تفرط فيها ، لا تسلمها إلى إنسان لست متأكدا من دينه ، ولا من خلقه ، الزواج رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته ، هذا توجيه . إن كانت ابنتك طيبة فلا تفرط فيها ، وكم في المجتمع من مآس سببها أن الأب استعجل زواج ابنته ، فوقع في ندم شديد ،]الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ[، هذا حكم شرعي ، بمعنى أنه يجب ، فأولياء الأمور ، أولياء الطيبات ، أو أولياء الشباب لا ينبغي لعارض من الدنيا إذا جاءنا خاطب عنده بيت ، والبيت الآن صعب توافره ، أو عنده سيارة ، أو عنده معمل ، أو عنده محل تجاري ، أو دخله كبير ، أو أبوه غني ، وهو لا يصلي ، وهو ليس مستقيما ، لا ينبغي أن تفرط بهذه الابنة ، ]وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ[ .
[سورة البقرة : الآية 221]
المعنى الثاني : الكلمات الخبيثات لا ينطق بها إلا الخبيثون : وثمة معنى آخر لهذه الآية ؛ الكلمات الخبيثات لا ينطق بها إلا الخبيثون ، الكلمة الخبيثة ، الكذب ، المزاح الرخيص ، الفحش ، البذاءة ، الغيبة ، النميمة ، الخبيثات أي الكلمات الخبيثات لا ينطق بها إلا الخبيثون ، هناك انسجام نفس ، كلها مياه آسنة ، فإذا أخرجت منها الماء ماذا ترى ؟ إذا انحنيت على الحاوية لتأخذ ما فيها ماذا ترى فيها ؟ أترى الذهب والفضة ؟ أترى قطع الماس ؟ أترى فيها باقات الزهور ؟ ماذا ترى فيها ؟ ليس فيها إلا القمامة ، والعلب الثمينة لا تنطوي إلا على الحلي الغالية ، فالمعنى الثاني الذي جاء في بعض التفاسير بل في معظمها - والمعنى الأول هوأقوى المعاني إن النفوس الخبيثة لا تلتئم إلا مع مثيلاتها ، وأن النفوس الطيبة لا تتوافق إلا مع مثيلاتها - لكن المعنى الثاني أن الكلمات الخبيثة ؛ هذا الذي ينطق بطرفة ماجنة أعتقد اعتقادا جازما أن له نفسا ماجنة ، وأنه ينطوي على نفس خبيثة ، المؤمن الحق لا يطرب لهذا المزاح ، لا يضحك له ، ينزعج منه ، نفسه طاهرة ، لذلك الكلمات الخبيثة لا ينطق بها إلا الخبيثون ، فالكلمات الخبيثة مثل هذا الافتراء ، مثل هذا الترويج ، مثل هذه الأكاذيب ، مثل هذه الضلالات ، مثل كلمة الفحش ، مثل الكذب ، هذا كله كلمات خبيثة . المعنى الثالث : الأعمال الخبيثة لا تصدر إلا نفوس خبيثة : هناك تفسير آخر ، الأفعال الخبيثة لا تصدر إلا عن نفوس خبيثة ، أن تنظر إلى ما لا يحل لك فهذا فعل خبيث ، أن تفعل شيئا فيه مقت لله عز وجل ، هذا فعل خبيث لا يصدر إلا عن نفس خبيثة ، فأصبحت هذه الآية تعني ثلاثة أشياء ؛ الشيء الأول : أن المرأة الخبيثة لا تتوافق إلا مع خبيث مثلها ، شيطان وشيطانة ، والثاني : أن الكلمة الخبيثة لا ينطق بها إلا الخبيث ، والثالث : أن الأفعال الخبيثة لا تصدر إلا عن الخبيث ، وبالمقابل الكلمات الطيبة ؛ كلمات الطهر والعفاف ربنا عز وجل علمنا في كتابه كيف نكني عن بعض المعاني التي تخدش حياء الإنسان فقال :]وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ[ .
[سورة المؤمنون: الآيات 5-7]
]فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ[، هذه كناية لطيفة جدا ، ]أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً[ .
[سورة النساء: الآية43]
كيف يفهم هذه الكلمة طفل : ]أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً[، ربنا عز وجل علمنا الأدب ، والدين كله أدب ، هذا الذي يقول : لا حياء في الدين ، هذه كلمة حق أريد بها باطل ، يعني لا حياء أن تتعلم أمور دينك ، أما أن تسمي الأشياء بأسمائها ، وقد تخدش بها حياء الأطفال فهذا ليس من الدين في شيء ، النبي عليه الصلاة والسلام كان أشد حياء من العذراء في خدرها ، سألته مرة امرأة عن قضية نسائية فوجهها ، فلما أرادت أن تستزيد ، وكان في هذه الاستزادة إحراج له يروي أصحابه أن لونه تغير ، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ : (( خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا ، قَالَتْ : كَيْفَ أَتَطَهَّرُ ؟ قَالَ : تَطَهَّرِي بِهَا ، قَالَتْ : كَيْفَ ؟ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! تَطَهَّرِي ، فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ : تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ )) .
[البخاري ، مسلم ، النسائي ]
وفي رواية أحمد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : ذُكِرَتْ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ فَأَثْنَتْ عَلَيْهِنَّ ، وَقَالَتْ لَهُنَّ مَعْرُوفًا ، وَقَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ النُّورِ عَمَدْنَ إِلَى حُجَزِ أَوْ حُجُوزِ مَنَاطِقِهِنَّ فَشَقَقْنَهُ ، ثُمَّ اتَّخَذْنَ مِنْهُ خُمُرًا ، وَأَنَّهَا دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي عَنْ الطُّهُورِ مِنْ الْمَحِيضِ فَقَالَ : (( نَعَمْ ، لِتَأْخُذْ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَلْتَطَّهَّرْ ، ثُمَّ لِتُحْسِنْ الطُّهُورَ ، ثُمَّ تَصُبَّ عَلَى رَأْسِهَا ، ثُمَّ لِتُلْزِقْ بِشُؤُونِ رَأْسِهَا ، ثُمَّ تَدْلُكْهُ ،فَإِنَّ ذَلِكَ طُهُورٌ ، ثُمَّ تَصُبَّ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ ، ثُمَّ تَأْخُذْ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَلْتَطَّهَّرْ بِهَا ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا ؟ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْنِي عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : تَتْبَعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ ، قَالَ عَفَّانُ : ثُمَّ لِتَصُبَّ عَلَى رَأْسِهَا مِنْ الْمَاءِ ،وَلْتُلْصِقْ شُؤُونَ رَأْسِهَا فَلْتَدْلُكْهُ ، قَالَ عَفَّانُ : إِلَى حُجَزٍ أَوْ حُجُوزٍ )) .
[أحمد]
فمن علامات المؤمن أنه حيي ، كثير الحياء . ]الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ[ . فالكلمات الطيبات تشف عن نفوس طيبة ، الاعتذار ، الأدب ، الصدق ، الكلمات التي تعبر عن المودة هذه تدل على نفس طيبة كريمة موصولة بالله عز وجل ، والكلمات الطيبات لا تصدر إلا عن نفوس طيبة ، ولكن الذي يرجح المعنى الأول من أن النفوس الخبيثة لا تلتئم إلا بمثيلاتها . نهاية هذه الآية : ]الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ[ .
مما يقول المنافقون ، مما يقول أهل الكفر ، مما يرجفون به في المدينة ، ]أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ[، يغفر الله لهم ، ويرزقهم رزقا كريما . هذه الآية ينتهي بها حديث الإفك ، وهذا الحديث كما قال الله عز وجل فيه خير كثير ، وهذا الحديث يجب أن نستنبط منه استنباطات تعلمنا كيف نتعامل مع إخواننا المؤمنين الطاهرين الصادقين ، | |
|
قصي ابو شهاب المدير التنفيذي
عدد المساهمات : 111 نقاط : 129 تاريخ التسجيل : 19/09/2010
| موضوع: رد: الزاني للزانية والخبيث للخبيثة الثلاثاء سبتمبر 21, 2010 11:01 am | |
| والله موضوعك رائع شكرا لك اخي عاشق القران | |
|
عاصف عضو نشيط
عدد المساهمات : 190 نقاط : 270 تاريخ التسجيل : 20/09/2010 العمر : 34
| موضوع: رد: الزاني للزانية والخبيث للخبيثة الثلاثاء سبتمبر 21, 2010 5:33 pm | |
| مشكور على الموضوع الرائع جزاك الله كل الخير
دمت بخير
•••【♥】تــــ ح ــــياتي 【♥】••• | |
|
عاشق القران المشرفون
عدد المساهمات : 295 نقاط : 411 تاريخ التسجيل : 20/09/2010 العمر : 33
| موضوع: رد: الزاني للزانية والخبيث للخبيثة الأربعاء سبتمبر 22, 2010 11:16 am | |
| شكررررررررررا على ردكم على موضوعي وجزاكم الله خيرا | |
|
عبير الريحان عضو نشيط
عدد المساهمات : 107 نقاط : 159 تاريخ التسجيل : 20/09/2010
| موضوع: رد: الزاني للزانية والخبيث للخبيثة الجمعة سبتمبر 24, 2010 9:11 am | |
| مشكووووووووووور على الطرح الاكثر من رائع
| |
|
عاشق القران المشرفون
عدد المساهمات : 295 نقاط : 411 تاريخ التسجيل : 20/09/2010 العمر : 33
| موضوع: رد: الزاني للزانية والخبيث للخبيثة السبت سبتمبر 25, 2010 1:40 am | |
| | |
|
د.سعد رستم طه عميد الكلية عضو مميز
عدد المساهمات : 245 نقاط : 396 تاريخ التسجيل : 22/09/2010
| موضوع: رد: الزاني للزانية والخبيث للخبيثة الأحد أكتوبر 10, 2010 1:43 am | |
| | |
|
عاشق القران المشرفون
عدد المساهمات : 295 نقاط : 411 تاريخ التسجيل : 20/09/2010 العمر : 33
| موضوع: رد: الزاني للزانية والخبيث للخبيثة الأحد أكتوبر 10, 2010 8:26 am | |
| | |
|